فإذا هوى القلب بقلم منال سالم

موقع أيام نيوز

ولاد أصول والجدعنة والشهامة في دمكم
وافقتها جليلة في رأيها وهي تنظر إلى زوجها وابنيها بتفاخر
اه والله تسلمي يا عواطف!
ترددت عواطف للحظة في طرح سؤالها ثم استعادت ثباتها الزائف لتقول بارتباك ملحوظ
هو.. هو أنا ممكن أشوف بنت أخويا
ردت عليها جليلة بتلهف
اه طبعا هو انتي محتاجة تستأذني!
أضاف طه قائلا بترحاب
اتفضلي يا عواطف ده بيتك
ابتلعت ريقها وهي تقول
متشكرة بس...... عاوزة أخدها معايا البيت 
وافقها طه في رأيها قائلا بجدية وهو يوميء بعينيه
حقك انتي عمتها والصح تفضل في بيتك انتي 
لم يعقب أي أحد على كلمته الأخيرة فقد كان صائبا في رأيه من وجهة نظرهم والأفضل أن يتم الالتزام بماهو معروف ومتبع.
.....................................
توقفت حافلتي أجرة من الحجم المتوسط أمام القهوة الشعبية ليترجل منها عدد من الرجال ذوي الأعمار السنية المختلفة لكن أغلبهم من كبار السن.
ابتسم الحاج طه لنفسه بتفاخر ثم أخفى بسمته ليحل بديلا عنها التجهم وصاح مهللا
حمدلله على السلامة!
دنا منه أحدهم ليرد بنبرة شديدة الجدية
الله يسلمك يا حاج فتحي!
صافحه الأخير بود كبير استطرد الحاج اسماعيل حديثه قائلا بصرامة وهو يرمقه بنظرات لا تبشر بخير
قولنا فين مكانها يا حاج فتحي!
رد عليه الأخير بعبوس
أنا معايا العنوان جبته من استعلامات المشتشفا
ضيق الحاج اسماعيل من نظراته لتصبح أكثر شراسة وهتف قائلا بإصرار مخيف
كويس واحنا مش ماشيين إلا وبنت رياض معانا!!!!!
الفصل الثاني والعشرون الجزء الأول 
تحركت حافلتي الأجرة في إتجاه العنوان المنشود لبدء المواجهة الحامية مع من تجرأ على أحد كبار قريتهم الحاج فتحي.
بالطبع لم يكن ليتركوا ثأره والذي اعتبروه أمرا يخصهم هم كذلك دون الأخذ به واسترداد ما سلب منه بالإجبار والقوة.
شعر الحاج فتحي بالإنتشاء لوجود عزوته حوله وحدث نفسه مهددا وهو يكور قبضة يده پعنف
هادفنك مطرح ما انت واقف!
مدت يدها لتمسك بكفها المسنود إلى جانب جسدها النائم واحتضنته براحتيها ثم ربتت عليه برفق كبير.
أدمعت عيناها متأثرة وأخذت نفسا عميقا لتسيطر على نوبة بكائها المھددة بالبدء في أي لحظة.
نهج صدرها علوا وهبوطا ورمقتها بنظرات مطولة أسفة مشفقة على حالها. مالت نحوها لتمسح على وجهها بنعومة هامسة لها بإعتذار
سامحيني يا بنتي حقك تشيليني الذنب بس والله ما كنت أعرف!
بقيت معها جليلة لبعض الوقت ثم انسحبت بهدوء لتترك لعواطف مساحة من الحرية لتتحدث مع ابنة أخيها دون شعور بالحرج.
تساءل طه باهتمام وهو يراها تغلق الباب
ايه الأخبار يا جليلة
دنت منه لتجيبه بصوت خفيض
أنا سبتهم مع بعض بس شكل عواطف مش هاتسيب البت تمشي وشها بيقول كده 
أضاف باقتضاب
يا مسهل!
سألته جليلة بصوت خاڤت وهي توميء بعينيها
تحب أخش عندهم و....
قاطعها قائلا بجدية
لالالا.. خليهم على راحتهم وروحي انتي شوفي أروى ويحيى!
هزت رأسها بالإيجاب مرددة
حاضر يا حاج!
ثم أولته ظهرها ولكنها استدارت برأسها سريعا لتسأله باهتمام
تحب أعملك حاجة سخنة ولا أغرفلك تاكل يا حاج
لوح بعكازه نافيا
ماليش نفس!
لم تعقب عليه وأكملت سيرها.
اقترب طه من ابنه منذر وأردف قائلا بصوت صارم
خلص كل حاجة لزوم الډفنة والعزا!
رد عليه منذر بثبات
اطمن يا حاج أنا كلمت معارفنا وخلصوها وشوية وهنروح نستلم الچثة ونطلع على الترب!
سأله والده باقتضاب
وتصريح الډفن
أجابه مؤكدا
طلع خلاص!
ربت طه على كتفه وهو يرمقه بنظرات متفاخرة ثم تابع قائلا
تمام يا بني!
أبعد يده عنه وضمھا على كفه الأخر ليستند على رأس عكازه مرددا
ربنا يرحمها ويثبتها عند السؤال 
يا رب!
ثم استأنف حديثه بصرامة وقد ضاقت نظراته 
إدي أجازة للرجالة في الوكالة احنا مش هانكون فايقين للشغل و....
اشتد غموض عيني منذر وهو يقاطعه بنبرة مخيفة نوعا ما
اعتبره حصل أنا أصلا محتاجهم معايا الليلة 
فهم الحاج طه سريعا المقصود من تلك الجملة الجادة ورد عليه معللا
أها.. عشان الراجل قريب البت المچنون
قست نظرات منذر وهو يرد مؤكدا
بالظبط كده يا حاج!
زم طه شفتيه متمتما بتوجس
ربك يسترها معانا
يا رب هستأذنك يا حاج هاروح أتابع بنفسي اللي بيحصل
ماشي يا بني وربنا يعينك
تحرك بعدها منذر في اتجاه باب منزله ليكمل ما لديه من أعمال معلقة.
بينما عاد الحاج طه إلى غرفته ليبدل جلبابه بأخر.
...................................
على الجانب الأخر جلس دياب بغرفة ابنه يحيى ليقضي معه بعض الوقت.
تمدد على المقعد الموجود بالشرفة واستند بساقيه على حافة السور.
تساءلت أخته الصغرى أروى بفضول وهي محدقة به
ودي مين يا أبيه دياب
أجابها دياب بضجر قليل
واحدة قريبة طنطك عواطف
تساءلت أروى باهتمام أكبر وهي تكتف ساعديها
بس هي عيانة ليه
نفخ من ثرثرتها المتكررة مرددا بإيجاز
معرفش!
تدخل الصغير يحيى في الحوار قائلا ببراءة طفولية
ممكن أدوها حقنة في الكي جي وسخنت!
ردت عليه أروى بجدية بعد أن استدارت نحوه
الميس بتقول مناكلش سمك ولا بيض لما ناخد حقن!
نظر دياب إلى كليهما بإندهاش عجيب ورفع حاجبه للأعلى مستغربا طريقتهما في الحوار
التوى ثغره للجانب و تمتم مع نفسه بابتسامة متهكمة
وربنا انتو دماغو فاضية!
انتبه لصوت رنين هاتفه فأنزل ساقيه ليعتدل في جلسته ثم إلتقطه من على الطاولة وحدق في شاشته.
زفر بتأفف كبير بعد أن قرأ اسم طليقته السابقة وهو
يقول بإشمئزاز
ودي عايزة ايه!
ألقى بالهاتف على الطاولة وشبك كفيه خلف رأسه مرددا بضجر أكبر
استغفر الله العظيم واحدة تفور الډم!!!
تكرر اتصالها به فنفخ مجددا واضطر مجبرا أن يجيب عليها.
أردف قائلا بازدراء وهو يقضم أطراف أظافره
خير!
ردت عليه بنعومة مصطنعة
مافيش إزيك يا ولاء
بصق تلك البقايا العالقة بين شفتيه وأجابها بنفور وقد زاد عبوس وجهه
لأ! في حاجة
هتفت قائلة بنبرة هادئة نسبيا
ايوه كنت عاوزة أخد يحيى يقضي الويك إند معايا لأني احتمال أسافر السخنة!
رد عليها بتهكم ساخر
والله! الويك إيند والسخنة! وده من امتى ان شاء الله
ثم أبعد الهاتف عن أذنه ليسبها بكلمات لاذعة
نسيت نفسها بنت ال......!!
لم تسمع جيدا ما قاله فصاحت متسائلة
بتقول ايه يا دياب
أجابها متجهما
الواد عنده مدرسة ومش هاينفع!
هتفت معترضة بإصرار
احنا متفقين يجيلي أيام الأجازات أنا مقولتش هاخده أيام الدراسة مع إن ده من حقي!!!!
هب واقفا من على مقعده فقد أغاظته جملتها الأخيرة وجاهد ليتمسك بعقله ويضبط انفعالاته قبل أن يثور بها.
قبض بأصابعه على حافة السور وضغط بشراسة عليها مرددا بحنق
حقك!!!!
ردت عليه ببرود متعمدة استفزازه
ايوه أنا أمه مش مرات أبوه وحضانته معايا
صاح بها بصوت جهوري محتد
دلوقتي افتكرتي انك أمه!
هتفت قائلة بنبرة محذرة
دياب بلاش نفتح في القديم خلي يحيى ابننا بعيد عن أي خلافات بينا عاوزين نفسية الولد تكون كويسة
ضړب پعنف حافة السور بقبضة يده المتكورة وصاح بها بنفاذ صبر
لخصي!
استمع إلى صوت زفيرها وهي تصيح بحدة
ما أنا قولتلك عاوزاه يقضي الأجازة معايا أنا مسافرة يومين بس ومحتاجاه يغير جو معايا ويشوف مناظر جديدة مافيهاش حاجة يعني!
تجهمت نبرته أكثر وهو يضيف بسخط
أها هابقى أشوف
سألته بهدوء
طيب أعدي أخده امتى
أجابها بفظاظة متعمدا

إھانتها
لأ متعديش محدش طايقك هنا!
اغتاظت من رده المستفز وضبطت نبرتها وهي تقول بصعوبة
ميرسي لذوقك
تابع قائلا بازدراء مهين
دي الحقيقة!
سألته بصوت حاد بعد أن فاض بها الكيل من استهزائه بها
طب هاخده إزاي ممكن تقولي!
أجابها بجمود
هابعتهولك مع واحد من السواقين
ردت عليه قائلة
اوكي!
ثم رققت من نبرتها لتكمل بنعومة
وعلى فكرة إنت ممكن تجيبه وتيجي عادي عندي احنا ممكن نعتبر نفسنا أصحاب و.....
قاطعها قائلا بنبرة فجة
لأ مش عاوز أشوف خلقتك بتقفلي اليوم كله!
شهقت مصډومة من وقاحته اللامتناهية مرددة بنبرة مغلولة
نعم!
تابع قائلا باحتقار مسيء لشخصها
سلام بقى عشان مش فايق لقرفك! كفاية كده!
..........................................
اتسعت حدقتي ولاء بغيظ كبير بعد أن أنهى دياب المكالمة معها تاركا إياها تغلي من أسلوبه الفج المستفز لها.
نفخت قائلة بحنق وقد اشتعلت نظراتها
وقح وقليل الذوق! 
كزت على أسنانها متابعة بتوعد شرس
بكرة تيجيلي زاحف يا دياب عشان خاطر ابنك وساعتها هردلك القديم والجديد!
ابتلعت شادية قطعة الحلوى التي كانت بيدها وهي تتساءل بهدوء
ايه اللي حصل متنرفزة كده ليه
أجابتها بنبرة حادة
الزفت دياب بيطول لسانه عليا!
أخذت شادية تلوك بقايا قطعة الحلوى في فمها حتى ابتلعتها تماما وردت عليها ببرود وهي تقف قبالتها
ده أخره معاكي مابيعرفش يعمل أكتر من كده سيبك منه 
هتفت ولاء متوعدة بنبرة عدائية بعد أن فلتت أعصابها
أنا هاوريه! مش ه....
قاطعتها أمها بلؤم شيطاني وقد برقت عيناها بوميض مغتر
هاتي بس يحيى منه الأول وبعد كده هنعرفه إن الله حق!
صرت ولاء على أسنانها قائلة بنبرة محتدة
ماشي يا ماما!
....................................
بدأت أسيف تستعيد وعيها تدريجيا شعرت بثقل كبير في رأسها فتأوهت بأنين خفيض وهي تجاهد لفتح عيناها.
انتبهت لها عواطف وكفكفت عبراتها لتهمس بتلهف
بنت أخويا الغالي أنا جمبك يا ضنايا!
ركزت أسيف في ذلك الصوت المألوف الذي اخترق أذنيها رغم همسه والتفتت برأسها ببطء نحو صاحبته.
نظرت إليها بحزن عميق ثم تمتمت بصوت خفيض موجوع وعيناها تبكيان
سابوني وراحوا!
ردت عليها عواطف
قائلة بحنو صادق رغم عدم فهمها لما قالته
مټخافيش أنا معاكي ومش هاسيبك وإن شاء الله ربنا يقدرني وأعوضك عن اللي فات!!
إستندت أسيف بمرفقيها محاولة النهوض من نومتها فانتفضت عمتها واقفة لتعاونها ومدت يدها لتمسك بها من ذراعها وهي تقول بتلهف
بشويش يا بنتي!
أغمضت عيناها الدامعتين للحظة ثم عاودت فتحهما وهي تسند ظهرها على الوسادة.
انتحبت أكثر ووضعت إصبعها على طرف أنفها كاتمة لشهقاتها.
مسحت عواطف على ظهرها برفق مواسية إياها
شدي حيلك يا ضنايا!
رفعت أسيف رأسها للأعلى لتحدق فيها بنظرات خاوية.
ثم تلفتت حولها بإستغراب شديد متسائلة بصوت مخټنق
أنا فين هنا
أجابتها عواطف بنبرة مطمئنة وهي تحاول الابتسام لها
انتي عند جماعة قرايبي ودلوقتي هاخد وتروحي معايا بيتي عند عمتك حبيبتك يا غالية!
هزت أسيف رأسها معترضة قائلة بصوت مبحوح
أنا عاوزة أروح لماما هي لوحدها!
ضغطت عواطف على شفتيها مانعة نفسها بصعوبة من البكاء وهتفت بتفهم
هانروحلها وهتدفينها وتاخدي عزاها بنفسك
أجهشت أسيف بالبكاء المرير مرة أخرى وأخرجت من صدرها شهقة متآلمة صاړخة بحړقة
آآآآه سابتني وراحت مع بابا
احتضنتها عواطف بذراعيها وضمتها إلى صدرها قائلة بتأثر
عيطي يا بنتي طلعي كل اللي جواكي!
هتفت أسيف بنشيج مخڼوق
ليه كده يا ربي ليه أتحرم من أغلى الناس
اعترضت عواطف على عدم تقبلها لمشيئة المولى قائلة بعتاب خفيف
متقوليش كده يا بنتي ده قضاء ربنا وإن شاء الله هيعوضك خير! اصبري واحتسبي عند الله!
أغمضت هي عيناها قهرا وواصلت صړاخها الموجوع
آآآآآآه 
ضمتها عواطف أكثر وحاولت احتواء حزنها العصيب بكل ما استطاعت من عاطفة وحنو.
ظلت تمسح على كتفيها وظهرها وانحنت لتقبلها بعمق في جبينها لعلها تسكن آلامها الملتهبة.
هي اعتبرتها بمثابة ابنة أخرى لها ولن تتخلى عنها أبدا..
.........................................
اختلست جليلة النظرات بحذر شديد وهي تراقب كلتاهما دون أن تصدر أي صوت ثم استمعت لجزء من حوارهما وأسرعت بمواربة الباب قبل أن تلفت الأنظار إليها.
مصمصت شفتيها مستنكرة حالة الهذيان المسيطرة على تلك الفتاة وضړبت كفا بالأخر. 
تساءل الحاج طه باهتمام
ها فاقتك
أجابته بإيماءة واضحة منها
اه يا حاج!
تساءل بجدية أكبر وهو يعقد ما بين حاجبيه
تفتكري هتبقى كويسة لو خدناها معانا الترب
حركت كتفيها بحيرة وهي تجيبه
مش عارفة بس شكلها مايطمنش يا حاج دي مقطعة نفسها من العياط!
تابع الحاج طه قائلا
أنا رأيي بلاش بدل ما يحصل زي ما حصل في
تم نسخ الرابط