ابناء يعقوب بقلم ولاء رفعت

موقع أيام نيوز

لم يكن قادرا على استيعاب ما يحدث كيف لوالده أن يفعل هذا وهو أكثر ما يعلم نوايا جاسر الخبيثة
مستحيل بابا يعمل كدا والتوكيل دا بالتأكيد مزور 
صاح بها يوسف غاضبا فأجاب شقيقه بصوت جهوري
قصدك إن أنا نصاب ومزور عيب يا يوسف دا أنا أخوك الكبير 
كانت رقية تتابع في صمت فهي كالجماد الساكن وعندما شعرت راوية أن الجدال سيحتدم بين الشقيقين صړخت قائلة
أبوكم لسه معداش على ۏفاته غير تلات أيام وأنتم بتتخانقوا على الورث!
سألها باستنكار لما يحدث
يعني عاجبك يا ماما راوية اللي ابنك بيعمله
عقب جاسر بسخرية وهو ينظر إلى يوسف بتشفي وانتصار
ماما راوية! أمك اللي أبوك اتجوزها على أمي ماټت وهى بتولدك واللي خلاك عايش في وسطنا وبيربطنا بيك خلاص ماټ واللي كنت منتظره في إعلام الوراثة خلاص بح كل حاجة بقت باسمي وحق أمي وأختي محفوظ عندي يعني من الآخر مالكش حاجة هنا غير
حبة الهدوم بتوعك تاخدهم وتتكل على الله 
الظلم والقهر من أشد الأفعال سوءا وأكثرها إيلاما للبشر فلا يوجد فعل أسوأ من سلب إنسانا حقا من حقوقه ولا بد من الوقوف في وجه كل
من ينتهج الظلم والقهر على الآخرين فماذا يفعل الأخ إذا كان هذا الظالم أخيه
ازدرد يوسف غصة كمر العلقم أومأ إليهم وهو يهم بالرحيل من هذا البيت الذي أصبح كالكهف الموحش منذ أن رحل والده إلى بارئه فقال إلى شقيقه
أنا عمري ما أذيتك وكنت على طول بدور ليك على سبب واحد تكرهني عشانه لو عشان أنا ابن الست اللي أتجوزها أبويا على مامتك ده مش سبب مقنع أبدا الموضوع أكبر من كدا ودلوقتي فهمته أنت ما بتحبنيش عشان أنا عقدة حياتك على طول شايفني أحسن منك في كل حاجة لأنك إنسان حقود وأناني ونرجسي 
شوفوا الباشا بيشتم أخوه اللي أكبر منه بتسع سنين وفى بيته كمان!
كان صياح جاسر والذي أجاب عليه شقيقه بسأم من هذا الجاهل
أنا مش بشتمك يا أخويا يا كبير دي صفاتك وعيوبك عموما أنا همشي وهسيبك تعيش وتتهنى في حق غيرك والدنيا دوارة النهاردة ليك وبكرة عليك وافتكر كويس يوم ما الدنيا كلها تبقى ضدك أنا هابقى أول إيد تتمد ليك مش عشانك عشان أبونا الله يرحمه سلام عليكم 
غادر على الفور فنهضت راوية التي اڼفجرت في البكاء وقامت بالنداء
استنى يا يوسف استنى يا بني بس نتفاهم 
أوقفها ابنها وقبض على رسغها يمنعها بنظرة لأول مرة يحدقها بها وكأن الشيطان بذاته يقف أمامها مما دب الړعب في أوصالها 
ابنك هو أنا وبس دا لو عايزاه يفضل عايش 
اخترقت كلماته روحها وأصابتها بالړعب تجاهه إلى هذا الحد أنجبت شيطانا رجيما!
جذبت يدها من قبضته وحدقت نحوه وكأنها ترى مسخا قائلة
كنت بكدب نفسي من زمان ودلوقتي اتأكدت إنك خلفة شيطان وإن ربنا كان بيعاقبني بابن زيك يا خسارة يا ابن يعقوب 
وقبل أن تذهب من أمامه بصقت على الأرض
وعادت إلى غرفتها نهضت ابنتها وكانت تنظر إلى شقيقها بازدراء فسألها بسخرية
مش عايزة انتي كمان تقولي حاجة
أجابت
بحزن واستياء
أنا مشفقة عليك وصعبان علي ربنا سلط عليك اللي ألعن من الشيطان سلط عليك نفسك اللي هتخسرك كل حاجة 
عادت هي أيضا إلى غرفتها وأصبح هو بمفرده مع المحامي التي زينت ثغره ابتسامة
ثعلب ماكر قائلا
معلش دا تأثير الصدمة بس عليهم بكرة لما ياخدوا حقهم هينسوا نفسهم 
مشهد سابق 
في أول يوم بعد ۏفاة الحاج يعقوب جلس جاسر أمام مكتب المحامي ووضع أمامه حقيبة داخلها
مبلغ مالي
دول اتنين مليون جنيه عشان تخلي التوكيل موثق ولو رفع يوسف قضية علي والتوكيل اتقدم للنيابة يلاقوه سليم مية في المية 
أومأ إليه المحامي مبتسما ثم نظر إلى التوكيل فسأله
دى فعلا بصمة الحاج وإمضته
حدق إليه جاسر بدهاء وأخبره عن خدعته
لما عرفت إن أبويا تعب وراح المستشفي لاقيت إن دا أنسب وقت أبصمه على التوكيل ولما الدكتور قال لنا إنه ماټ ولو حبينا نبص عليه بصة قبل ما يتغسل ويتكفن استغليت الفرصة ومسكت صباع البصمة ومن الحبر على ورقة التوكيل على طول والإمضة سهلة وأهو كله بالحب والفلوس بتمشي كل حاجة 
خلع المحامي نظارته ووضعها أمامه فوق الأوراق ليخبره
اعتبره اتعمل وبتاريخ قديم من شهر كمان وعشان تضمن إن أخوك ما ياخدش ولا مليم هيبقى توكيل ببيع للنفس بس بشرط 
هز جاسر رأسه بسعادة وأجاب
عينيا ليك يا متر أؤمر 
كالضبع الذي يأكل ما تبقى من السبع أجاب بدهاء
هاخد محل من فروع السلسلة واتنين ميلون جنيه غير دول 
وأشار إليه بعينيه نحو حقيبة النقود وبدون أن يتردد أجاب
موافق بس يوسف ابن رقية ما يطولش ولا مليم 
يا أبتاه ماذا أفعل بعد رحيلك من الحياة يا أبتاه أنت ظهري ومن ألجأ إليه من أذى الناس وۏحشية الحياة
يجثو على ركبتيه أمام قبر والده وجواره قبر والدته دموعه تتساقط كالغيث الذي هطل على صحراء قاحلة يرويها بأحزانه
ليه سيبتني يا يعقوب ليه خلتني مكروه من أقرب الناس ليا فاكر لما كنت بتحكي ليا قصة سيدنا يوسف أنا دلوقتي عرفت ليه كنت على طول بتحكيها وليه على طول بتحذرني من غدر اللي مني وإن مآمنش ولا أثق في حد لأننا في زمن مفيهوش أمان 
صمت محاولا أن يكف عن البكاء لكن لا فائدة شعر بيد حنونة تربت على كتفه فألتفت إلى صاحبها الذي قال إليه
ادعيله يا ابني هو في دار الحق واحنا في دار الباطل 
عاد بالنظر إلى القپر وعقب قائلا
الدنيا دي وحشة قوي يا عم عرفة 
ربت مرة أخرى على كتفه بمواساة فقال
وحد الله هو خلقنا في الدنيا دي عشان نعبده ونسعى ونجتهد للفوز بنعيم الآخرة جنة ولا فيها ظلم ولا جبروت ولا حقد 
حدق إليه بحزن مرير وأخبره
أنا عايز أروح لأبويا
وأمي 
تنهد عرفة وحاول أن يتماسك أمامه لمؤازرته
يا ابني ما تقولش كدا ربنا يبارك في عمرك وشبابك دا انت لسه ابن ال 22 سنة وانت فاكر المۏت سهل دا عالم تاني لازم نكون عاملين حسابنا قبل ما نتنقل له لحظة الحساب اللي معظمنا غافل عنها وبيجروا ورا الفلوس وهمهم كله ياكلوا إيه ويلبسوا ازاي هوب تلاقي
عمرك كله راح على دنيا فانية مش هناخد منها غير العمل الصالح 
سأله پقهر وقلب مفطور
طيب والمظلوم في الدنيا هيقدر يعمل اللي عليه ازاي في وسط الظلم والقسۏة من أقرب الناس
أدرك عرفة ما قد تداول على الألسنة وهو أن كل ممتلكات يعقوب الراوي أصبحت ملكا لابنه جاسر فأجاب
ما تزعلش دا يا بخت اللي بات مظلوم ربك بالمرصاد لكل ظالم يسيبه يعيث فساد هنا وهناك وكل ما يزيد ظلمه يزيد عقابه لو ماكنش في الدنيا يبقى يا ويله في الآخرة هيشرف جنب إبليس على نفس الشواية اللي هيولعوا فيها والولية حماتي معاهم 
ظهر طيف ابتسامة على وجه يوسف فلكزه عرفة وأردف
أيوة كدا اضحك وارمي تكالك على المولي عز وجل هو حسبك ووكيلك 
ردد يوسف
وكلت أمري لله 
شوفت بقى أتلهيت ونسيت أنا كنت جاي لك عشان إيه 
أخرج من جيبه ظرفا أبيض وقال
الظرف دا الحاج الله يرحمه سابه أمانة عندي أديهولك من بعده ودا الوقت المناسب فيه فيزا ادخار باسمك شايلك فيها فلوس ومفتاح شقة كان أتجوز
فيها والدتك وكتبها باسمها ولما توفت خلاها زي ما هي وكان بيبعت حد ينضفها كل شهر 
أخذ الظرف وتأمل محتوياته فابتسم قائلا
وكأنه كان عارف إيه اللي ممكن يحصل 
وضع عرفة يده على كتف يوسف وأخبره
انت قدامك لسه العمر وتحقق كل أحلامك وبالتأكيد باباك هيحس بيك وهيفرح جدا 
هز رأسه وقال
بإذن الله 
يجلس خلف مكتب والده وينفث من فمه وأنفه دخان النرجيلة يضع ساق فوق الأخرى أعلى المكتب بعنجهية دخل ابن خالته مبتسما بسعادة وصاح مهللا
ألف مبروك عليك يا ابن خالتي هو دا الكلام عشان تعرف لما العبد لله بينصحك بحاجة ببقى عايز مصلحتك في الآخر 
نفث دخانا كثيفا ثم قال بزهو
عارف ياض يا حمزة فيه فرق ما بين النصيحة والتخطيط أنا اللي خططت ونفذت ومش قادر أعبر لك أنا مبسوط قد إيه
لما شوفت قهرة يوسف ابن رقية وكل حاجة ضاعت منه وكمان وأنا بطرده من البيت كدا مش ناقص غير حاجة واحدة بس دي لو تمت يبقى كدا أنا برنس 
سأله حمزة بفضول يريد معرفة ما يدور في رأس هذا الأحمق حتى لا يفسد مخططه
وإيه الحاجة دي يا صاحبي
أنزل قدميه على الأرض واعتدل جالسا يمسك بياقة قميصه يضبطها قائلا بثقة
أتجوز مريم 
صاح الأخر بتعجب يسأله
مريم قريبة عم عرفة
هز رأسه بالإيجاب وأجاب
آه هي 
فعقب قائلا
بس اللي عرفته منك إن أبوك كان عايزها ليوسف وبالتأكيد هي عينيها منه 
ضړب سطح المكتب بيده وصاح محذرا إياه
مريم دي تخصني أنا وبس ولو مش موافقة أنا هخلي خالها يوافق بالعافية 
ابتسم حمزة بدهاء وبفحيح أفعى سامة أخبره
طيب واللي يقولك على خطة تخليها هي اللي تجيلك لحد عندك وتبوس إيدك كمان عشان ترحم خالها ومقابل كدا تتجوزها 
قول وليك الحلاوة 
حدق إليه بنظرة قناص صائد للفرص فقال
حلاوتي هي جوازي من أختك 
وقبل أن يبدي جاسر رفضه أردف حمزة
أختك محتاجة واحد يحافظ عليها وما يكونش طمعان فيها وتكون انت عارفه وواثق فيه وانت حافظني وعارفني من واحنا لسه عيال 
ضحك جاسر وعقب قائلا
ما هي المصېبة إن أنا عارفك بس عندك حق أهو انت أولى من الغريب اللي ماعرفش ممكن يعمل فيها إيه وأهو يبقي فرحي أنا ومريم وفرحك انت وأختي في نفس الوقت 
الله عليك يا صاحبي دا كدا انت برنس وعمهم كلهم 
رد جاسر بمزاح
وانت دماغك ولا إبليس بذات نفسه يا جدع يلا قولي على الخطة الجهنمية اللي هتجيب مريم لحد عندي 
أجاب حمزة وداخل عينيه ألسنة لهب من الچحيم
بص يا برنس 
أخذ يملي عليه ما يفعله فكان تحالفهما معا أقل ما يوصف به أنه تحالف الأبالسة 
11
الفصل الحادي عشر
وحوش ضارية على هيئة بشړ لا يعرف الخير إلى دربها عنوانا وأزهار قد ذبلت أوراقها وتناثرت بقاياها بعد أن تم اقتطافها فلم يعد لها في البستان مكانا  
أرفعها لفوق شوية عايز الكل يشوفها ويعرف إن المحل وفروعه بتوع جاسر الراوي وبس  
تلك الكلمات صاح بها جاسر الذي أمر رجاله بإزالة لافتة يعقوب وأولاده و تبديلها بأخرى باسم مفروشات الجاسر انتهى العامل من تثبيت اللافتة وهبط من الدرج الخشبي فسأله 
تمام كدا يا جاسر بيه 
الله ينور يا رجالة يلا بقى على شغلكم
تم نسخ الرابط