حكاية روان

موقع أيام نيوز


فهبطت احدى خصلاتها وكأنها تشاركها خجلها ونهضت مسرعة
كانت تقف فى المطبخ تشعر باضطراب روحها التى تعبث
طربا من كلماته لكنها حاولت أن تهدأ نفسها هاتفة
عادى دا جوزك والمفروض دا اللى يحصل واكتر ياروان 
إهدى إهدى
بعد قليل أحضرت القهوة وتوجهت إليه تضعها أمامه فنظر 
لها والصمت ثالثهما فتناولها 
فين القهوة بتاعتك

مش بشرب قهوة
أمال عملتى قهوة ليه!
احابته باستيحاء وهى تخفض رأسها
اصلى بشمها كل يوم الصبح وبالليل وانت بتشربها وعرفت 
انها كل يوم لازم
تصبحى على الخير
هكذا ببساطة يذهب لينام ويتركها الحجر الصوان ارق منه
بعد ثلاث اسابيع
تقف فى المطبخ تحضر فطور هادئ بيض وفول كما 
يفضله والعديد من انواع الجبن وكوبايين احداهما 
شاى والأخر قهوة
كان يقف يراقبها وهى تعد الفطور بخفة كانت ترتدى 
منامته الصفراء ذات حواف سوداء لقد تعلق 
بوجودها معه
وكأن شئ خفى نادي عليها كى تلتفت للخلف بابتسامة 
هادئة همست
صباح الخير
صباح النور قولتلك مفيش داعى تتعبى نفسك فى
الفطار أنا بفطر مع طه
أنا متعودة اصحي بدرى اصلا وبفطر بدرى من قبل المستشفى
ليه دخلتى تمريض
عبست ملامحها وهى تجيبه قائلة
دخلته بمزاجى وكنت حابه المجال
حفظ حركاتها عن ظهر قلب اصبح يعلم متى تكون 
سعيدة أو متحمسة أو حزينة أو تشعر بالملل فقط 
نظرة واحدة يستطيع فهمها فتحمحم قائلا
دا سؤال عادى على فكرة
اجابته بحدة
لأ مش عادى كل شوية تلميحاتك أنها شغلانة مش 
كويسة دا انت ناقص تقول على فكرة كل 
مهنة فيها الحلو والۏحش ومهنتنا دي أطهر وانبل 
مهنة بس لكل قاعدة شواذ ودول بقى أقلية بس 
طلعت سمعة على المهنة كلها
هز رأسه بالنفى ليصحح فكرتها هاتفا
الفكرة كلها أنا بس بعترض على مواعيدها عشان بنت زيك ممكن تسهر وتبات برا
ولما واحدة تبقى تعبانة بالليل وتروح المستشفى هو 
الدكتور هيقعد طول الليل جنبك إحنا اللى بنقعد وبندى 
العلاج وفى الآخر يتقال دي يا عم ممرضة
ثم تابعت
الفطار اهو عن إذنك
هامسا امام عينيه
أنا مقصدتش حاجة غلط صدقينى أنا عندى
تحفظ على السهر بالليل مش أكتر
ثم تابع
هو حد يحضر الفطار لحد وينكد عليه ياروان
أنا مش نكدية
أنهت جملتها وأنصرفت من أمامه فكان ينظر فى إثرها 
تشبه زهرة تتفتح فى مقتبل الربيع لم يفكر بامرأة
هكذا من قبل همس وهو يحك مؤخرة رأسه
لأ نكدية وربنا يستر من الجاى
يعنى أيه مش هتفطر معايا الجواز غيرك يا مارو
كانت هذه كلمات طه فأردف مروان
سيب مارو اللى فيه مش فى حد
إبتسم طه وهو يقول بخبث
ما تلم نفسك دا انت أب والمفروض تكون عقلت
تنهد طه وهو يقول له
وعلى سيرة الأب روان بجد خلت عمار متعلق بالصلاة 
جدا ربنا يباركلها دا غير الأذكار اللى حفظها أنا بقيت 
مكسوف من نفسى وهو بيقولى الحاجات دي كلها
بصراحة يابختك بيها هو الكمال لله وحده بس هى 
عندها كل مقومات الزوجة
حاول مروان ضبط أعصابه لكنه لم يفلح فصړخ به
ما خلاص بقى يا طه
توسعت عين طه شاعرا بالإحراج ثم اجابه
فى ايه متعصب ليه دا أنا قصدى خير ولا أنت دماغك
راحت فين
هز مروان رأسه بالنفى
عارف عارف بس أنا أعصابى تعبانة شوية
صمت طه قليلا ثم قهقة بصخب وهو يقول
أنت خلبوصة بتغييرى
جز مروان على أسنانه فنهض يلملم اشياءه هاتفا تصدق 
إنى غلطان انا ماشي وأبقى شيل الشغل انت
سمعت إذان الفجر
نهضت مسرعة تقف خلف الباب تراقبه كعادتها فى الأيام 
السابقة وهو يصلى إبتسمت بسعادة عندما رأته يخرج من المرحاض ويمسح وجهه بالمنشفة ويتمتم بالأذكار
اغمضت عيناها وهى تضع يدها على قلبها الذى 
تتسارع نبضاته لا تصدق نفسها كيف تنتظر وقت 
صلاته لتختلس النظر إلى عيناه التى افقدتها صوابها
لكنه غامض بالنسبة لها لكنها لا تنكر أيضا شعورها 
بالأمان كلما كانت جواره خصوصا الأيام الأخيرة 
كان يعاملها بلطف ربما مشاعرها هذه إحتياج ليست
أكثر فهو حتى إسمها لا يناديها به تنفست بعمق 
ثم فتحت باب الغرفة وخرجت ليأتيها صوته الرخيم 
محدثا أياها بهدوء
صباح الخير عاملة اية!
أمتعضت ملامحها نفس السؤال السخيف كيف حالها 
كيف سيكون وهى تعيش مع دب العسل تود أن تمد 
يدها كى ټخنقه عندما لم تجيبه همس لها
روان
كانت تتذوق حلاوة إسمها من بين تشعر أنها إنقطعت
عن الواقع وسحبها لعالم الأحلام 
هاتفة
صباح الخير الحمدلله
كان ينظر لإبتسامتها الناعمة مع الضوء الخاڤت عبقت 
بوجوده أو نظراته وكالعادة كان مدخل للشيطان 
فابتسم بسخرية كيف يفكر كالأبلة لابد أنها تفعل 
كل ذلك لتوقعه فى شباكها..
بعد أن أنهى صلاته سمع صوت هاتفه فتوجه ليجيب 
ليجده خاله
عامل أيه يا خال! 
مالها أمى! طب مسافة السكة
خرجت من غرفتها وهى ترتدى إسدالها تسأله بفزع
فى أيه مالك!
امى تعبانة إجهزى هننزل البلد
قاسېة تلك الذكريات التى نحاول أن نمحيها وهى 
تحارب كى تبقى معنا
أشرقت الشمس وجدت نفسها تقف أمام باب ذلك 
البيت مرة اخرى لا تدرى إلى اين تذهب أو ماذا 
تفعل كل ما تشعر به غصة كادت تزهق روحها
بعد أن تقدم خطوتين أستدار يرمقها وهى تقف
كالتمثال الصخرى فسألها بإستنكار
واقفة عندك كدا ليه! يلا تعالى
أومأت مقاومة غصتها ثم تحركت خلفه هزت رأسها 
بقوة لتطرد تلك الذكرى وكى تمنع نفسها من الإغراق في التفكير فتح مروان باب البيت 
ودخل بهدوء وعينيه دارت بالمكان فوجد خاله يجلس 
على أريكة خشبية فى مقابل الباب فاقترب منه مسرعا 
يسأله بقلق
مالها أمى ياخالى
بخير يا بنى الحمدلله سكرها وطى فجأة جبنا الدكتور 
ودلوقتى بقيت احسن متقلقش
رمق خاله التى تقف خلفه منكسة رأسها والحزن يملأ 
عينيها فابتسم بهدوء قائلا
حمدلله على السلامة يا بنتى
الله يسلمك يا خالى
تحرك مروان من امامهم هاتفا
هاطلع أشوف أمى يا خال عن إذنك
دقائق من الصمت الحزين قبل أن يقول لها
تعالى يا بنتى أقعدى واقفة ليه
هزت رأسها بإبتسامة هادئة لا تغادر وجهها طول فترة 
حديثهما بعد لحظات ربما دقائق كان يهبط مروان من 
الأعلى هاتفا
لقيتها نايمة مرضتش اصحيها
طب كويس خد مراتك وعرفها طريق اوضتك وريحوا 
من الطريق ولما تصحى ابقى روح لها
قلبها كان ينبض كالطبول الإفريقية من لفظه كلمة مراتك أول مرة تستشعر حلاوة الكلمة بينما هو 
كان يقف ينظر إلى خاله كعامود إنارة خرسانى 
لا يتحرك ابتلع ريقه هاتفا
احنا هنسافر تانى اصلا
هتسافر تانى وتسيب أمك أكيد محتاجالك 
اطلعوا يا بنى ريحوا فى اوضتك وبعدين يحلها
حلال
تنهد مروان وهو ينظر إلى خاله بلوم وعتاب ثم وجه
حديثه إليها
تعالى معايا
صخب من المشاعر العاتية تجتاحها اصطبغ وجهها باللون الأحمر فتوهج خديهها بالنمش خاصتها اشاح مروان برأسه بعيدا يعرض عن اضطراب روحه التى يعبث
بها النمش الذى يملأ وجنتها وأنفها
ولجت للغرفة وهو خلفها كانت توزع نظرها فى كل زواية 
حتى تحمحم هو فاستدارت تنظر للأعلى وكأنها لا تستوعب الهيئة الضخمة الواقفة امامها
اشاحت ببصرها عنه ولازالت تدور بعيناها فى الغرفة 
كأنها تتحاور فى دهاليز عقلها فاجابها هو بصوت عالى
هنضطر نقعد فى اوضة واحدة هى مسألة يومين 
اطمن على أمى وبعدين نمشى
وليه!
قطب حاحبيه مستنكرا ماذا تقصد
هو أيه اللى وليه!
ليه يومين ونمشى ما تخلينا فى البلد
مش وقته الكلام دا أنا هنزل تحت اروح أصلى مع خالى
بعد مرور ساعتين خرجت من غرفتها لتذهب لغرفة والدته 
فوجدتها تنظر للسقف فأبتسمت بهدوء وتقدمت نحوها 
هاتفة
عاملة ايه دلوقتى!
الحمدلله على كل حال أهى أيام لحد ما اروح للغالى
قاطعتها وهى تربت على يدها
ربنا يبارك فى عمرك ويخليك لينا
دقائق وكان يدخل مروان وخاله وزوجته و ما أن ولجوا
نهضت واقفة 
كدا يا ست الكل تقلقينى عليك
حمدلله على السلامة يا حبيبى
رفعت بصرها لزوجة اخيها هاتفة
جيتى ليه يا سعيدة أنا عارفة إنك تعبانة وعذرك معاك
هاجى لأغلى منك!
معنديش أنا اغلى منكم
إبتسمت والدة مروان بوهن هاتفة
لأ كلنا عارفين أن مفيش اغلى منها
اطرقت زوجته رأسها بخجل التى بدت فى عقدها الخامس 
كانت روان تراقب ذلك الرجل وهو ينظر لزوجته بكل عشق
رفعت نظرها لمروان هو لم ينظر لها كما ينظر ذلك الرجل
لزوجته رفع بصره ينظر إليها فتلاقت نظراتهما لكن 
سرعان ما أطرقت رأسها بقلب ملكوم كان خاله يراقبهما
فتنهد قائلا
سبحانه يا اختى بيحط الأسباب وبيؤلف بين القلوب فى غمضة عين
بالعجز ولا يعلم ماذا يفعل
هز خاله رأسه بأسى فاإبن أخته نظراته كالمتلهف الذى 
ينتظر حبيبته
فى المساء
مالك!
كانت هذه كلمات مروان وهو يسألها عن حالها فهى تبدو 
على عكس طبيعتها فى الأيام السابقة أما هى كانت تريد
أن تصرخ به لماذا يمقتها يعاملها كالمنبوذة ولم يكمل 
زواجه بها هل ينتقم لمۏت أخيه لكن ما ذنبها هى 
أغمضت عيناها وهى تجيبه بصوت متحشرج
ماليش بس قلة نوم
طب نامى تحبى أطفى النور أنا هاكون هنا على الكنبة
حاولت كبح دموعها وهزت رأسها فى صمت وتوجهت 
على الفراش وأنكمشت على نفسها ثم دثرت نفسها 
بالأغطية كان يرمقها بقلق تبدو
مريضة ظل كما هو
على جلسته حاول أن يقاوم نفسه لكنه لم يقدر 
ونهض واقفا
إلى الفخ كما فعلت مع اخيه.
مدت روان يدها بالصحن لحماتها فازاحته هى بقسۏة هاتفة
انت مابتفهميش قولتلك مش عايزة حاجة من خلقتك 
ولا ناوية تجيبى أجلى زى ابنى
توسعت عيناها پصدمة هاتفة
أنا أنا طب ليه كدا! وأنا مالى
بلا مالى ومش مالى خدى الأكل دا واطلعى بره سيبينى فى حالى
وما أن ولج صړخ بها بعصبية
الهانم ماشية فى البيت وفردة شعرها عادى
اجابته بحدة وداخلها ېحترق
عادى هو البيت فيه مين اصلا غيرك
فى خالى والبيت بابه مش مقفول ممكن اى حد يدخل 
عيال خالى أى حد يجى انت عاملة تعرفى ربنا وكله تمثيل فى تمثيل
ألم وقهر انتابها من معاملته الجافة كلماته السامة
بحړقة ودموعها تسيل على وجهها هاتفة بمرارة
بتعمل معايا كدا ليه ها! بتعملوا معايا كدا ليه!
انت اتجوزتنى ليه! عشان ټنتقم لمۏت أخوك صح 
كنت موتنى وريحتني احب اقولك أن دا قضاء وقدر
وأنا ماليش ذنب فيه
فقد سيطرته واڼهارت حصونه أمام دموعها إندفع يكتم شهقاتها ليمنعها من ال
تلك الكلمات قالتها الفتاة وهى تحدث ذلك الشاب الذى 
معاها ثم تابعت تسأله
أنت قولتلى اخوه جه البلد!
ايوة!
يبقى هو الحل فى المصېبة دي
الفصل الخامس
وضعهما الحقيقي لحظة وما هو وضعهما الحقيقي! 
اغمضت عيناها وهى تكتم شهقاتها تشعر باشمئزاز من 
نفسها شعور الذل والهوان يجتاحها
نهضت متوجهة للمرحاض وقفت أمام المرآة تشعر انها 
منبوذة غسلت وجهها بالماء لكنها لم تستطع أن تقاوم 
إنهيارها وجلست فى أرضية المرحاض تبكى بكاء 
مرير ۏجع طاحن بقلبها
ضاقت بها الحياة لتشعر أن العالم كله يرفضها منبوذة وكأن قدرها أن تبقى روح بلا مأوى
يشعر بإختناق بسبب ضعفه وبسبب جرحها حمله ثقيل مسح وجهه براحة يديه يشعر بالتعب فمنذ أن توفى أخيه 
يشعر أنه بدوامة ولا يعلم متى الخروج! 
لا يعلم كيف هكذا دموعها والنمش
الذى بوجهها جعله كالسكير
سأله خاله وهو ينظر إلى ملامح وجهه المجهدة أول مرة يرى أبن أخته بهذه الحالة
مالك يا بنى!
كتم أنفاسه بقوة يا لله هذا الكلام كيف ينطق به ضاقت 
دنياه بما رحبت
تعبان ياخال
بتلك اللحظة كانت تهبط من الأعلى شعر بها رفع عينيه لها 
فتلاقت عيناه بنظرة زلزلت كيانه إرتعدت أوصاله بعد 
أن كانت تجمدت لفترة وما أن وقفت أمامه وهتفت
أنا عايزة أروح عند أهلى
سألها مسرعا بإرتبارك
هتروحى لأهلك ليه!
ابتسم خاله وهو يهز رأسه ثم تدخل هاتفا
وماله يا بنتى تروحى لأهلك وتقعدى معاهم 
يومين
لأ
أجابه خاله 
متقلقش والدتك بقت بخير وهى تقدر تروح يا مروان
اسمع الكلام روح وصلها وتعالى عايزك
وما أن خرجوا

من باب المنزل 
أنا
 

تم نسخ الرابط