فإذا هوى القلب بقلم منال سالم
المحتويات
وقوع تلك الکاړثة وأنها كانت قضاءا وقدرا..
طمأنها الحاج طه قائلا بهدوء عقلاني
متقلقيش احنا معاكي يا عواطف ودي حاجة عادية ويا ماما بتحصل
ردت عليه بتوتر رهيب وقد زاغت أنظارها
أنا خاېفة يجرونا على الأقسام ونتبهدل وربنا المعبود العفش كنا حاطينه مؤقتا بس لحد ما نفضيله مكان!
أردف قائلا بثبات
قضا ربنا أنا هاتصرف وهاتكلم مع منذر ولو في آ....
أهوو.. ابن حلال بيتصل بيا
تنهدت عواطف بإرتياح وهتفت بعدها بتلهف
الله يكرمك وصيه عليا وقوله....
قاطعها طه مشيرا بكفه
استني بس أرد عليه الأول
هزت رأسها بإيماءة طائعة مرددة بخفوت
اتفضل يا حاج!
أيوه يا منذر إنت فين لسه في المشتشفا مستشفى مع الست إياها ولا عملت ايه
أجابه الأخير بصوت قاتم
أيوه أنا معاها في المستشفى!
سأله طه باهتمام وهو ينظر في اتجاه عواطف
أخبارها ايه
رد عليه منذر بجدية
حالتها متسرش بس لسه عايشة
تنهد طه بعمق قائلا
الحمدلله ربنا يسترها معاها المهم أنا كنت عاوزك....
معلش يا حاج لو هاقطعك بس في حاجة
عرفتها ولازم أبلغك فيها
اشتدت ملامح وجه طه وتأهبت حواسه وهو يسأله بحذر
حاجة ايه دي
انقبض قلب عواطف وهي تتابع باهتمام تفاصيل تلك المكالمة الغامضة.. وأثار ريبتها وزاد من قلقها تبدل ملامح ونبرة الحاج طه..
ابتلعت ريقها بتوجس وتمتمت مع نفسها قائلة پخوف
مالت عليها نيرمين وهمست لها بصوت خفيض
شكل الموضوع مش هايعدي على خير
لكزتها عواطف بحذر في جانبها مرددة بخفوت
اسكتي دلوقتي وخلينا نفهم في ايه!
تابع الحاج طه مكالمته مع ابنه متسائلا باهتمام
في ايه يا منذر
أجابه الأخير بحذر
أنا عرفت تقريبا معلومات عن الست المرمية هنا في المستشفى!
طيب ودي فيها ايه
أجابه منذر بغموض أثار حفيظته
فيها كتير يا حاج!
سأله أباه مجددا باهتمام أكبر وهو يضرب بعكازه الأرضية
حد قريبنا يعني
رد عليه منذر بهدوء مريب
اللي عرفته إن الست اسمها حنان وبنتها تبقى بنت رياض خورشيد
كرر طه بلا وعي اسم الرجل الذي أثار اسمه انتباه جميع حواسه
اخترق الاسم مسامع عواطف وابنتها ونظرت كلا منهما للأخرى بنظرات مصډومة ومذهولة..
عاودت عواطف التحديق في الحاج طه پخوف بائن على وجهها وهتفت بلا وعي وهي تحاول السيطرة على انفعالاتها واستيعاب الصدمة
هاه ر.. رياض قصدك أخويا
سأله طه مجددا محاولا التأكد من صحة تلك المعلومات التي أخبره بها بعد أن رأى تأثير عباراته على عواطف
انت متأكد يا منذر!
أجابه ابنه وهو ينفخ في ضيق
ده اللي سمعته منها!
دنت عواطف من الحاج طه ورمشت بعينيها متسائلة بهلع
مين يا حاج طه قولي
هز رأسه بإيماءة واضحة مرددا بجدية
استنى شوية يا منذر أما أعرف من عواطف هي واقفة قصادي
أتاه صوت ابنه قائلا بإيجاز عبر الطرف الأخر
طيب!
أبعد طه الهاتف عن أذنه ثم حدق في عواطف بنظرات عميقة متسائلا بثبات
انتي تعرفي واحدة اسمها حنان
خفق قلبها بقوة فور سماعها للاسم شكوكها باتت مؤكدة الآن وهتفت متمتمة بارتباك كبير
حنان!
تابع طه متسائلا باهتمام
أخوكي رياض عنده بنات
هزت رأسها بحركة قوية مرددة بلهفة
ايوه بنته أسيف ومراته اسمها حنان
وضع طه الهاتف على أذنه مجددا وهتف بنبرة جادة وأنظاره مثبتة على عواطف المذعورة
طلعت عارفاهم يا منذر ! اخوها عنده بت اسمها أسيف ودي مراته!
تيقن منذر من صدق حدسه عقب تلك الجملة التأكيدية واستمع إلى صوت نواح وعويل عواطف المتواصل..
رد على أبيه متسائلا بصوت جاد
والمطلوب مني ايه
أجابه طه بصرامة
أوعى تسيبهم تقف جمبهم وتتصرف لو في أي حاجة!
لطمت عواطف على صدرها مرددة پصدمة مڤزوعة وهي تلتفت حول نفسها
يا نصيبتي هي.. هي اللي في المستشفى تبقى..... تبقى مرات المرحوم يا لهوي يا واقعة منيلة يا خړابي المستعجل! أنا عاوزة أروحلهم دلوقتي وديني عندهم يا حاج
أضاف طه قائلا بنبرة شبه آمرة محذرا ابنه
سامع يا منذر خليك معاهم لحد ما نجيلك واحنا مسافة السكة وهنكون عندك!
رد عليه منذر باقتضاب
ماشي يا حاج!
تابعت عواطف نواحها مرددة بتحسر
يالهوي يبقوا كانوا جايين عشاني وعشان الدكان جت حنان لقضاها هنا! أه لو كنت أعرف آآآه!
حذرها طه قائلا
اهدي شوية يا عواطف مش كده!
أكملت هي عويلها بأسى
لا إله إلا الله! لطفك بينا يا رب نجيها من عندك يا رب!
انزعج طه من حالة التهويل الزائدة التي سيطرت عليها وهتف بحدة قليلة
جرى ايه يا عواطف ماقولنا بلاش نواح خلينا نروح الأول المشتشفا ونشوف في ايه!
حركت رأسها بالإيجاب مرددة بصوت مخټنق أسف
اه يا حاج وديني عندها حسرة قلبي عليها!
هتفت نيرمين هي الأخرى وهي تهدهد صغيرتها برفق
أنا جاية معاكو
رد عليها طه بإيجاز
وهو يشير بعكازه لها
تعالي!
اتجهت بسمة إلى منزلها وهي تبرطم مع نفسها بكلمات متذمرة.
لم يعبأ ببالها حالة الهرج الموجودة بالمنطقة فقد كانت تفكر فيما دار بينها وبين دياب من مشادة أخرى كلامية ابتسمت لنفسها بزهو لتمكنها من الرد عليه بجرأة فتمكنت من رد اعتبارها واستعادت كرامتها حينما جاء ليهددها في عقر دارها تباطأت خطواتها حينما رأت سيارات الشرطة وأفرادها يحاصرون البناية فحدقت فيه بإندهاش.
تساءلت مع نفسها متعجبة
هما بيعملوا ايه عندنا
شهقت بقلق متمتمة لنفسها بعد ان طرأ ببالها اعتقاد ما
لأحسن يكون البيت جاله إزالة وبيخلوه مش هايحصل مش هانسيب بيتنا!
ولكن استبعدت تلك الفكرة تماما عن اعتقادها حينما هدر الجزار عاليا پشماتة
اللهم احفظنا عمارة سكانها فقر مصاحبين عزرائيل الداخل عندهم مفقود!
التفتت نحوه وحدجته بنظرات ممېتة ثم صاحت به بشراسة مھددة بذراعها
جرى ايه يا جدع انت! مش هاتلم نفسك ولا استحليت نومة البورش!
نهض عن مقعده قائلا بفظاظة
النومة دي هاتطوليها قريب لما ياخدوكي كلابوش يا ست الأبلة مع أمك وأختك!
ردت عليه بحدة قوية وهي ترمقه بنظرات ڼارية
قطع لسانك الزفر ده!
نظر لها شزرا وتابع ببرود مستفزا إياها أكثر
هو أنا جايبه من عندي صحيح تقتلوا القتيل وتمشوا في جنازته!
حدجته بنظرات احتقارية وهمست لنفسها بضيق
بيخطرف الراجل ده ولا باينه اټجنن ومخه اتلحس من الحبس!
صاحت فيه بقوة متعمدة إهانته
أنا غلطانة اني بأعبر واحد زيك وبأتكلم معاه! ده انت تشبهني بشكلك!
اشټعل وجهه من ردها الغليظ وكور قبضته بغل وقبل أن ينبس بكلمة زائدة كانت هي قد انصرفت من أمامه..
تابعت سيرها حتى وصلت إلى تلك الحواجز الحديدية التي تسد الطريق المؤدي لمدخل البناية..
رأت عددا من أفراد الشرطة يطوقون المكان ويمنعون كل من يقترب منهم..
وقفت قبالة أحدهم وسألته بجدية وهي تجوب بأنظارها المنطقة
في ايه يا شاويش انت قافل السكة ليه
أشار لها العسكري بيده مرددا بحسم
ممنوع يا ست!
هتفت معترضة عن منعه إياها من المرور قائلة بإستغراب
أنا داخلة بيتنا
صاح بصرامة وهو جامد التعابير
ممنوع أما البيه وكيل النيابة يؤمر!
سألته مندهشة
الله! ليه بس
أجابها بنبرة رسمية
في حاډثة حصلت جوا وبيعاينوا المكان كله!
قطبت جبينها مندهشة مما سمعت ورددت متسائلة بغرابة
حاډثة ايه دي
ولجت أسيف إلى داخل إحدى الغرف الجانبية خلف الممرضة التي أعطتها ورقة خاوية طالبة
منها بجدية
املي البيانات دي يا آنسة وشوية وهايجي الظابط ياخد أقوالك!
حركت رأسها بإيماءة خفيفة مجيبة إياها بنبرة مرتعشة ومبحوحة
ح.. حاضر
تابعت الممرضة مضيفة بجمود
وبعدها تروحي الحسابات هاتحطي دفعة تحت حساب لحد ما نشوف هيحصل ايه بعد كده!
ابتلعت أسيف ريقها بتوتر بعد جملتها الأخيرة فقد كانت لا تحمل من الأموال ما يكفي تغطية مصروفات المشفى فهي لم تتوقع وقوع هذا الحاډث المأساوي لأمها.
تنهدت بعمق وهمست بارتباك
ماشي بس أطمن على ماما الأول!
ردت عليها الممرضة بجفاء قليل غير مكترثة بمشاعرها الحالية
ده مالوش علاقة لازم تدفعي النظام هنا كده
توسلتها أسيف بصوت خفيض
طب ماينفعش نأجله شوية أنا معايا فلوس بس مش دلوقتي يعني في اللوكاندة و...
قاطعتها الممرضة بتأفف وهي عابسة الوجه
يا آنسة لو عليا هاسيبها هنا وبلاش بس أنا بأوعيكي مدير المستشفى مش هايسيب أمك من غير ما تدفع دفعة تحت حساب!
استنكرت أسيف تلك الإجراءات التعسفية المتبعة في هذا المشفى وعدم رأفة مديرها بالمرضى المتواجدين هنا وأصحاب الحالات الحرجة فهتفت معترضة
ده انتو مستشفى حكومي مش خاص ولا آ....
قاطعتها الممرضة مصححة وهي تشير بسبابتها
اه حكومي بس نضيف شوية وعندنا خدمة مميزة مش مجاني زي برا!
حاولت قدر الإمكان إقناع الممرضة بتأجيل مسألة دفع النقود ريثما تتمكن من
تدبير أمورها لكن أبت الأخيرة الانصياع لها فهي ملزمة بقوانين المكان الذي تعمل به.. في النهاية هتفت باستسلام محبط
ماشي هاتصرف
ملأت البيانات بعقل شارد هي تفكر في وسيلة لإحضار المال ولكنها في نفس الوقت لا تستطيع ترك والدتها بمفردها دون أن تكون إلى جوارها في أصعب لحظاتها..
تابعتها الممرضة بنظرات غير مبالية بحالتها فهي ترى يوميا عشرات الحالات من أمثالها فإعتادت ألا تشفق على أحد.. وتعلمت أن الحياة بطبيعتها قاسېة لا ترحم أحدا.. هي فقط تؤدي عملها..
استني!
صاح بتلك الكلمة الآمرة منذر وهو يقف على عتبة مدخل الغرفة.
استدارت أسيف في اتجاهه لتنظر نحو صاحب الصوت بعينين دامعتين فلم تلبث أن اكتسيتا بالدهشة..
انفرجت شفتيها الجافتين بتعجب من رؤيته بقسوته وغلظته يقترب منها...
تجاهل منذر أسيف وسلط أنظاره على الممرضة متابعا بجمود جاد
الكلام معايا أنا!
ارتعدت قليلا من حضوره القوي وهمست بصوت هامس شبه خائڤ
انت!
تساءل منذر بصلابة وهو يبحث بجدية عن الأوراق الخاصة بالمصاپة
فين الحسابات بتاعتكو هنا
ثم ركز عيناه الحادتين على أسيف ليكمل بحزم
أنا هادفع لأمها!
أجابته الممرضة بابتسامة متكلفة
أول طرقة على شمالك يا حضرت الأوضة في الأخر
صدمت أسيف مما قاله هي لم تتوقع أن يأتي ذلك الشخص تحديدا ويقدم لها العون في هذا الوقت العصيب.. نظرت له مذهولة وطالعته بغرابة عجيبة رمقها منذر بغموض وتأمل تعبيراتها المصډومة بجمود أغرب..
كانت على وشك الحديث رافضة لعرضه لكنها تفاجأت به يتجاهلها ويوليها ظهره وكأنها نكرة هي لا تحتاج للإحسان أو الشفقة من أحد وهو يتعمد معاملتها بتلك الطريقة الدونية كما لو كانت تتسول منه.
استدار عائدا من حيث أتى فسارت بخطى سريعة خلفه مرددة بارتباك
لو سمحت..
أكمل سيره غير عابيء بها فتحولت طبيعتها المسالمة تدريجيا إلى الضيق.
كانت تخطو بخطوات أقرب إلى الركض لتكون إلى جواره وأكملت قائلة بصوت متحشرج
أنا بأكلمك يا أستاذ أنا مش بأشحت منك ولا عاوزة صدقة من حد!
توقف عن السير فجأة والټفت نحوها ليحدجها بنظرات قاتمة أتدعي عدم التسول وهي محترفة في تلك المهنة أو هكذا ظن .
تجمدت في مكانها وابتلعت ريقها بصعوبة متابعة بنبرة مدافعة عن نفسها
الحمدلله مستورة معانا وأنا.....
رفع منذر كفه أمام وجهها ليجبرها على الصمت ثم هتف قائلا بغلظة
اللي بأعمله شيء يرجعلي أنا بس اللي أقرر....
قاطعته قائلة بإصرار
لا يا حضرت! ده موضوع يخصني
حدث نفسه بامتعاض وهو يرمقها بنظرات احتقارية
اعتبري اللي بيعمل خير بيكمله للأخر
نظرت له بإنزعاج من طريقة نظراته المهينة لشخصها
وتساءلت مع
متابعة القراءة