فإذا هوى القلب بقلم منال سالم
المحتويات
ما....
قضمت عبارتها بحرج بائن فردت عليها نيرمين بابتسامة متأسفة
الحمدلله كانت مرحلة وخلصت!
ربتت جليلة على ذراعها قائلة بنبرة ذات مغزى
ربنا هيعوضك بالخير إن شاء الله وقريب!
اتسعت ابتسامتها مرددة
يا رب يا خالتي!
ثم رسمت على وجهها علامات الجدية مضيفة بإمتنان
صحيح أنا كنت عاوزة أشكرك على تعب سي منذر معانا ربنا يحميه راجل من ضهر راجل!
شكر ايه بس ده واجب عليه ده انتو مننا يا نيرمين!
نظرت لها قائلة بحماسة
تدوم العشرة يا رب!
لاحظت نيرمين تحول نظراتها نحو الباب فاستدارت برأسها لترى ما هي محدقة فيه فرأت أسيف واقفة على عتبته.
تجهم وجهها وانعقد ما بين حاجبيها بإنزعاج واضح.
استطردت عواطف حديثها مقدمة ابنة أخيها لها
دي أسيف بنت المرحوم رياض!
دنت منها جليلة ومدت يدها لمصافحتها قائلة بنبرة مواسية
البقاء لله يا بنتي
هزت أسيف رأسها بإيماءة خفيفة وهي تبادلها المصافحة قائلة بصوت هاديء ورقيق
شكرا
لم تترك جليلة كفها بل جذبتها كعادة النساء في تلك المناطق الشعبية لټحتضنها وتقبلها من وجنتيها مرددة بحزن
ردت عليها أسيف بصوت شبه مخټنق وهي تبتلع غصة عالقة في
حلقها
الحمدلله!
وجهت جليلة حديثها إلى عواطف قائلة بإعجاب ظاهر في نبرتها
بس مقولتليش يا عواطف ان بنت أخوكي حلوة بالشكل ده
ردت عليها الأخيرة مجاملة
كتر خيرك يا ست جليلة!
اغتاظت نيرمين مما قالته عنها واحتقنت عيناها بشدة وهي تحدجها بنظرات مغلولة. فهي لا تقل جمالا عنها بل ترى نفسها أكثر حيوية وأنوثة منها.
هي احلوت إلا لما جت عندنا يا خالتي قبل كده ماتشوفيهاش حاجة كده....
توقفت عن اتمام عبارتها حينما رأت نظرات والدتها الساخطة نحوها فشعرت بټهديدها الصريح واكتفت بالإبتسام وهي تتابع بحذر
نورتينا يا خالتي أعملك ايه تشربيه
ردت عليها مشيرة بكف يدها
والله واكلة وشاربة الحمدلله ماتتعبيش نفسك!
تعب ايه بس ده كله يهون عشانك!
حافظت جليلة على ابتسامتها العذبة ثم جابت بعينيها المكان متسائلة بجدية
على كده بسمة موجودة أسلم عليها يا عواطف ولا هي مش عاوزة تشوفني!
لطمت عواطف على صدرها هاتفة بنبرة مستنكرة سوء ظنها
لأ ازاي تلاقيها بس متعرفش إنك هنا هاروح.....
قاطعتها جليلة قائلة بصوت هاديء
ثم أشارت لها بحاجبيها وهي تضيف محذرة
بس أمانة تبلغيها إن هاستناها تيجي عشان درس العيال دول بيحبوها أوي وبيفهموا منها!
فهمت عواطف مقصدها الضمني وردت عليها مؤكدة دون تأخير
اه طبعا هاتجيلك على طول ما انتي عارفة اللي جرالها وإنها ماتتمنعش عنكم إلا للشديد القوي!
هزت جليلة رأسها متابعة بتفهم
اه عرفت من دياب ابني ربنا ما يوريكي مكروه فيهم!
ردت عليها عواطف برجاء وهي تطلق تنهيدة مطولة
يا رب أمين!
أرادت نيرمين أن ټضرب عصفورين بحجر واحد والاستفادة من الموقف الحالي. فقد استاءت من تأجيل والدتها مفاتحة أسيف في موضوع بيع الدكان أو حتى التمهيد له مسبقا فقررت حسم المسألة فورا وإبلاغها بموافقة الجميع على بيعه لتضمن إتمامه وفي نفس الوقت تعلم ابنة خالها عنه فلا تتمكن من الاعتراض أو الرفض.
التوى ثغرها بابتسامة لئيمة وهي ترمقها بنظرات عابثة.
وقفت إلى جوار جليلة ووضعت قبضتها على ذراعها قائلة بنبرة واثقة وجادة
بالحق يا خالتي طمني سي منذر وقوليله مايقلقش احنا هنخلص موضوع بيع الدكان قريب ان شاء الله!!!
ضاقت عيناي أسيف للغاية ورمقت نيرمين بنظرات غريبة مرددة بهمس متعجب
الدكان!!
أومأت جليلة برأسها إيجابا وهي تقول
اها حاضر يا بنتي هاعرفه خلي الدنيا تروق وتهدى بين الرجالة كده كفاية مضاربات وقرف!
وافقتها نيرمين الرأي مؤكدة بابتسامة واثقة
بالظبط وبعدين طلبات سي منذر أوامر بالنسبالنا ده احنا نبيعهوله ونجيبله الورق لحد عنده وهو قاعد باشا في مكانه!
ارتفع حاجبي أسيف للأعلى پصدمة كبيرة ونظرت لها فارغة شفتيها بذهول. لقد بدا الموضوع بالنسبة لها خطېرا إلى حد ما هي تتحدث عن مسألة بيعه وكأنه أمر مفروغ منه وهي التي لم تره من قبل أو حتى تقرر مصيره.
ردت جليلة عليها مجاملة وهي تربت على كتفها
تسلمي يا حبيبتي مايؤمرش عليكي عدو!
حدقت نيرمين متعمدة في وجه أسيف لتتأكد من وصول رسالتها لهاوتابعت قائلة
الله يخليكي لينا يا خالتي!
انزعجت عواطف من تصرف ابنتها الأهوج وضغطت على شفتيها بقوة محاولة السيطرة على أعصابها أمام الضيفة.
كان وجهها يعكس رفضها لطريقتها المستفزة والمفاجأة في طرحه هكذا.
نعم ابنتها خالفت أوامرها وفعلت ما أرادت فأفسدت كل شيء. وهي الآن عليها أن تعيد توضيح سوء الفهم الذي حدث لابنة أخيها.
خرجت عواطف من صمتها الإجباري على صوت جليلة وهو يردد
طب هاستأذن أنا
ردت عليها بضجر قليل
ما بدري يا ست جليلة
رسمت جليلة على ثغرها ابتسامتها الودودة وهي تعلل رحيلها
عشان تاخدوا راحتكوا وكمان أشوف أنا طلبات
العيال والحاج!
واستدارت برأسها نحو أسيف لتقول بلطف وهي تقترب منها
وأنا فرحانة اني شوفت يا... اسمك ايه يا بنتي
أجابت عليها نيرمين بتهكم ظاهر في نبرتها محدجة إياها بنظرات ساخرة منها
أسيف يا خالتي هو ده اسم يتنسى!!!!
ودعتها جليلة قائلة بود وهي تمسح على وجنتها بنعومة
أها.. أسيف عاشت الأسامي يا بنتي!
تمتمت نيرمين من بين شفتيها بصوت خفيض يحمل الحنق
اسم شبه وشها كله هم وغم ونكد!
اصطحبت عواطف ضيفتها للخارج قائلة
مع السلامة يا ست جليلة اتفضلي.. اتفضلي!
تسمرت أسيف في مكانها ناظرة إلى نيرمين بضيق كبير.
كانت على وشك تحريك شفتيها لتنطق بشيء ما لكن دفعتها الأخيرة پعنف من كتفها مرددة بحدة
اوعي كده وسعي!
تأوهت أسيف بصوت خفيضووضعت يدها على كتفها تتحسسه ثم أسرعت بالسير خلفها هاتفة بصوت مزعوج
نيرمين من فضلك ممكن كلمة!
استدارت نيرمين بجسدها نحوها وكتفت ساعديها أمام صدرها قائلة بعبوس
عاوزة ايه
وقفت أسيف قبالتها ونظرت في عينيها مباشرة ساءلة إياها بجدية شديدة
ايه موضوع الدكان اللي بتكلمي عنه
الدكان بتاعنا يا حبيبتي الورث اللي لينا كلنا فيه!
ردت عليها أسيف بحدة قليلة وقد تلون وجهها بحمرة غاضبة
ايوه بس.. بس محدش قالي اننا...!
هنبيعه يا ست أسيف!
هتفت أسيف محتجة
وقد برزت عروق عنقها المحتقنة من أسلوبها المستفز
أه ازاي بقى تقولي للست دي الكلام ده من غير ما تاخدوا رأيي!!
ردت عليها بجمود غير مبالية بردة فعلها
أديكي عرفتي أهوو جهزي نفسك عشان توقعي الورق وتقبضي يا حلوة!
ثم قربت وجهها منها مضيفة بنبرة مزدرية وهي ترمقها بنظرات احتقارية صريحة متعمدة إھانتها
فلوس جيالك من الهوا يعني أعدة سفلأة وهتاخدي فلوس أد كده على قلبك!
صدمت أسيف مما تردده على مسامعها واستنكرت بشدة حسمها لمسألة البيع.
رمقتها نيرمين بنظرات أخيرة مستخفة بها قبل أن تتركها في مكانها على حالتها المدهوشة تلك لتعود إلى غرفتها صافقة الباب خلفها بقوة.
انتفض جسد أسيف في مكانه ورددت مع نفسها بعدم تصديق وهي تضع يدها على رأسها
ايه اللي بتقوله ده أنا.. أنا أبيع الدكان....!!!!
صف سيارته على مقربة من ذلك المطعم الحديث الذي اتفقا على اللقاء عنده.
جاب بأنظاره المكان بنظرات سريعة شمولية ثم نظر إلى جواره متأملا صغيره بنظرات عميقة.
مال بعدها على المقعد المجاور له ليحتضنه ثم قبله بعاطفة أبوية حانية على صدغه قائلا بجدية
ماشي يا حبيب بابا خلي بالك من نفسك!
هز يحيى رأسه بالإيجاب مرددا ببراءة
حاضر
تابع دياب تعليماته الصريحة قائلا
واسمع الكلام مش عاوز شكوى من أمك!
ابتسم له الصغير بمرح
ماشي!
عبث دياب بشعر الصغير المتناثر وأحاط رأسه من الخلف بكفه العريض قائلا بسعادة
هات بوسة حلوة
دنا الصغير من أبيه فقبله الأخير وهو يحتضنه بمحبة حقيقة شعر بها تجاهه.
ترجل بعدها يحيى من السيارة حينما رأى والدته مقبلة عليها.
هتف دياب صائحا وهو يلوح له
مع السلامة يا يحيى!
بادله الصغير تحية الوداع لكن ذلك لم يمنع ولاء من الاقتراب منه والترحيب به بنفسها.
تغنجت بجسدها بميوعة مفتعلة متعمدة أن تثيره بمفاتنها الأنثوية التي اعتقدت أنها مازلت مغرية وستجعله تحت تأثيرها.
لذا استطردت حديثها قائلة بدلال وهي تستند بيدها على نافذة سيارته مائلة نحوه بجسدها
ميرسي انك جبته!
لم ينظر إليها بسبب شعوره بالنفور والتقزز من مجرد التحديق بها.
عبس بوجهه وهو يزيح يدها عن حافة النافذة فانزعجت من تصرفه الوقح تجاهها.
وضع دياب نظارته القاتمة على عينيه قائلا بجمود قاسې
هما يومين بس وهارجع اخده!
شعرت بالضيق لتجاهله لها عمدا فاعتدلت في وقفتها وردت عليه بتجهم
أوكي
أدار محرك سيارته قائلا بإيجاز
سلام!
تابعته بأنظارها المحتقنة منه وهي تكز على أسنانها بشراسة.
أخرجها من حالتها الغاضبة صوت صغيرها متسائلا ببراءة
احنا رايحين فين يا مامي
أجابته بعد تنهيدة مطولة
هانتفسح يا حبيبي!
أحاطت صغيرها من كتفيه وسارت به مبتعدة عن المطعم حتى مرقت إلى طريق جانبي حيث كان ينتظرها هناك سيارة ما.
لمح الصغير جدته فصاح مهللا
تيتة شوشو!
فتحت باب السيارة ليقترب هو منها ثم احتضنها بسعادة.
انهالت عليه بالقبلات قائلة
حبيب قلب تيتة!
أفسحت له شادية المجال ليجلس على حجرها قائلة بود
تعالى في حضڼي يا حبيبي!
جلس الصغير على حجر جدته فضمته بذراعيها محاوطة إياه.
أغلقت ولاء الباب خلفه وانحنت للأمام لتستند بكفيها على حافة النافذة الملاصقة لمقعد والدتها لتقول بنبرة آمرة
اسمع كلام تيتة!
نظر لها بغرابة متسائلا بحزن
مش هاتيجي يا مامي معانا
مسحت على وجنته برفق قائلة
لأ يا حبيبي أنا هاحصلكم كمان شوية!
تجهمت تعابير وجهه وهو لا يعي سبب ذهابه مع جدته فقط.
التفتت ولاء بعينيها نحو والدتها مضيفة بجدية
ماما خلي بالك منه مش هوصيكي!
ردت عليها بنبرة واثقة وهي ترمقها بنظرات مٹيرة للقلق
اطمني ده في عينيا روحي انتي بيتك وعلى تليفونات!
هزت رأسها بإيماءة واضحة وهي تردد
ماشي!
اعتدلت في وقفتها ووضعت يدها على شفتيها لتبعث بقبلة في الهواء إلى صغيرها.
قام يحيى بتقليدها وأرسل لها نفس القبلة قائلا
باي يا مامي
لوحت له بعدها بكفها هاتفة
باي باي يا قلبي!!
أشارت شادية إلى السائق بيدها ليتحرك بعدها مبتعدا عن المكان حيث وجهته المجهولة لتبدأ كلتاهما في تنفيذ مخطط تخبئة الصغير واخفائه دون النظر إلى عواقب الأمور...
لم تتخيل أسيف أن ذلك الدكان الذي لم تره مسبقا وفي نفس الوقت تمتلك فيه الحصة الأكبر بحكم أنه إرثها الشرعي قد حسم أمر بيعه دون أن تدري.
تسمرت في مكانها لوهلة مصډومة محاوة استيعاب الموقف.
ودعت عواطف الضيفة بابتسامة لطيفة ولكنها تلاشت سريعا حينما أغلقت الباب خلفها.
نفخت بغيظ مع نفسها فقد وضعتها ابنتها في موقف حرج مع ابنة أخيها الراحل هي لم تفاتحها من قبل في مسألة بيع الدكان أو حتى طرحتها أمامها لكنها تفاجأت بنيرمين تصرح بذلك وكأنه حقيقة واقعة غير
قابلة للنقاش
قدمت قدما وأخرت الأخرى وهي تتجه نحو ابنة أخيها.
رأتها باقية في مكانها في حالة حائرة فزاد قلقها مما هو قادم.
أخذت نفسا عميقا تضبط به انفعالاتها ثم اتجهت صوبها.
وضعت عمتها يدها على كتفها قائلة بحرج
... أسيف يا بنتي
التفتت هي نحوها بوجه عابس مرددة بصوت شبه مخټنق
ممكن تفهميني يا عمتي ايه معنى كلام نيرمين اللي قالته جوا
ابتلعت ريقها قائلة بارتباك ملحوظ
حاضر تعالي معايا
متابعة القراءة